فصل: قال الألوسي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال أبو حيان:

{وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا عسى الله أن يتوب عليهم}
نزلت في عشرة رهط تخلفوا عن غزوة تبوك فلما دنا الرسول صلى الله عليه وسلم من المدينة أوثق سبعة منهم.
وقيل: كانوا ثمانية منهم: كردم، ومرداس، وأبو قيس، وأبو لبابة.
وقيل: سبعة.
وقيل: ستة أوثق ثلاثة منهم أنفسهم بسواري المسجد، فيهم أبو لبابة.
وقيل: كانوا خمسة.
وقيل: ثلاثة أبو لبابة بن عبد المنذر، وأوس بن ثعلبة، ووديعة بن خذام الأنصاري.
وقيل: نزلت في أبي لبابة وحده.
ويبعد ذلك من لفظ وآخرون، لأنه جمع، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد حين قدم فصلى فيه ركعتين، وكانت عادته كلما قدم من سفر، فرآهم موثقين فسأل عنهم: فذكروا أنهم أقسموا لا يحلون أنفسهم حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وأنا أقسم أن لا أحلهم حتى أومر فيهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين» فنزلت، فأطلقهم وعذرهم.
وقال مجاهد: نزلت في أبي لبابة في شأنه مع بني قريظة حين استشاروه في النزول على حكم الله ورسوله، فأشار هو لهم إلى حلقه يريد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يذبحهم إن نزلوا، فلما افتضح تاب وندم، وربط نفسه في سارية في المسجد، وأقسم أن لا يطعم ولا يشرب حتى يعفو الله عنه أو يموت، فمكث كذلك حتى عفا الله عنه.
والاعتراف: الإقرار بالذنب عملًا صالحًا توبة وندمًا، وآخر سيئًا.
أي تخلفًا عن هذه الغزاة قاله: الطبري، أو خروجًا إلى الجهاد قبل.
وتخلفًا عن هذه قاله: الحسن وغيره.
أو توبة وإثمًا قاله: الكلبي.
وعطف أحدهما على الآخر دليل على أنّ كل واحد منهما مخلوط ومخلوط به، كقولك: خلطت الماء واللبن، وهو بخلاف خلطت الماء باللبن، فليس فيه إلا أنّ الماء خلط باللبن، قال معناه الزمخشري: ومتى خلطت شيئًا بشيء صدق على كل واحد منهما أنه مخلوط ومخلوط به، من حيث مدلولية الخلط، لأنها أمر نسبي.
قال الزمخشري: ويجوز أن يكون من قولهم: بعت الشاء شاة ودرهمًا، بمعنى شاة بدرهم.
والاعتراف بالذنب دليل على التوبة، فلذلك قيل: عسى الله أن يتوب عليهم.
قال ابن عباس: عسى من الله واجب انتهى.
وجاء بلفظ عسى ليكون المؤمن على وجل، إذ لفظة عسى طمع وإشفاق، فأبرزت التوبة في صورته، ثم ختم ذلك بما دل على قبول التوبة وذلك، صفة الغفران والرحمة.
وهذه الآية وإن نزلت في ناس.
مخصوصين فهي عامة في الأمة إلى يوم القيامة.
وقال أبو عثمان: ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله: {وآخرون اعترفوا بذنوبهم}.
وفي حديث الإسراء والمعراج من تخريج البيهقي: أنّ الذين خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا وتابوا رآهم الرسول صلى الله عليه وسلم حول إبراهيم، وفي ألوانهم شيء، وأنهم خلطت ألوانهم بعد اغتسالهم في أنهر ثلاثة، وجلسوا إلى أصحابهم البيض الوجوه. اهـ.

.قال أبو السعود:

{وَءاخَرُونَ} بيان لحال طائفةٍ من المسلمين ضعيفةِ الهِمَمِ في أمور الدينِ وهو عطفٌ على منافقون أي ومنهم يعني وممن حولَكم ومن أهل المدينة قومٌ آخرون {اعترفوا بِذُنُوبِهِمْ} التي هي تخلُّفهم عن الغزو، وأيثارُ الدعةِ عليه والرضا بسوء جِوارِ المنافقين، وندموا على ذلك ولم يعتذروا بالمعاذير الكاذبةِ ولم يُخفوا ما صدر عنهم من الأعمال السيئةِ كما فعله من اعتاد إخفاءَ ما فيه وإبرازَ ما ينافيه من المنافقين الذين اعتذروا بما لا خيرَ فيه من المعاذير المؤكدةِ بالأيمان الفاجرةِ حسب ديدنِهم المألوفِ وهم رهطٌ من المتخلفين أوثقوا أنفسَهم على سواري المسجدِ عندما بلغهم ما نزل في المتخلّفين فقدم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فصلى ركعتين حسب عادتِه الكريمةِ ورآهم كذلك فسأل عن شأنهم فقيل: أنهم أقسموا أن لا يَحُلوا أنفسَهم حتى تحُلَّهم فقال عليه الصلاة والسلام: «وأنا أقسم أن لا أحُلَّهم حتى أُومرَ فيهم» فنزلت: {خَلَطُواْ عَمَلًا صالحا} هو ما سبق منهم من الأعمال الصالحةِ والخروجِ إلى المغازي السابقةِ وغيرِها وما لحِق من الاعتراف بذنوبهم في التخلف عن هذه المرة وتذمُّمِهم وندامتِهم على ذلك وتخصيصُه بالاعتراف لا يناسب الخلْطَ لاسيما على وجه يُؤذِن بتوارد المختلطَيْن وكونِ كلَ منهما مخلوطًا ومخلوطًا به كما يؤذن به تبديلُ الواوِ بالباء في قوله تعالى: {وَآخَرَ سَيِّئًا} فإن قولك: خلطتُ الماءَ باللبن يقتضي إيرادَ الماءِ على اللبن دون العكس وقولك: خلطتُ الماءَ واللبنَ معناه إيقاعُ الخلطِ بينهما من غير دلالةٍ على اختصاص أحدِهما بكونه مخلوطًا والآخرِ بكونه مخلوطًا به، وتركُ تلك الدلالةِ للدلالةِ على جعل كلَ منهما متصفًا بالوصفين جميعًا وذلك فيما نحن فيه بورود كلَ من العملين على الآخر مرةً بعد أخرى، والمرادُ بالعمل السيء ما صدر عنهم من الأعمال السيئة أولًا وآخرًا. وعن الكلبي التوبةُ والإثمُ وقيل: الواوُ بمعنى الباء كما في قولهم: بعتُ الشاءَ شاةً ودرهمًا بمعنى شاةً بدرهم {عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي يقبل توبتَهم المفهومةَ من اعترافِهم بذنوبهم {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} يتجاوز عن سيئات التائبِ ويتفضل عليه وهو تعليلٌ لما تفيده كلمةُ عسى من وجوب القَبولِ فإنها للإطماع الذي هو من أكرم الأكرمين إيجابٌ وأيُّ إيجاب. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآَخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}
{وَءاخَرُونَ} بيان لحال طائفة من المسلمين ضعيفة الهمم في أمر الدين ولم يكونوا منافقين على الصحيح.
وقيل: هم طائفة من المنافقين إلا أنهم وفقوا للتوبة فتاب الله عليهم.
قيل: وهو مبتدأ خبره جملة {خَلَطُواْ} وهي حال بتقدير قد والخبر جملة {عَسَى الله} الخ، والمحققون على أنه معطوف على {منافقون} [التوبة: 101] أي ومنهم يعني ممن حولكم أو من أهل المدينة قوم آخرون {اعترفوا} أي أقروا عن معرفة {بِذُنُوبِهِمْ} التي هي تخلفهم عن الغزو وإيثار الدعة عليه والرضا بسوء جوار المنافقين ولم يعتذروا بالمعاذير الكاذبة المؤكدة بالإيمان الفاجرة وكانوا على ما أخرج البيهقي في الدلائل وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عشرة تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما حشر رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم أوثق سبعة منهم أنفسهم بسوارى المسجد وكان ممر النبي عليه الصلاة والسلام إذا رجع في المسجد عليهم فلما رآهم قال: من هؤلاء الموثقون أنفسهم؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك يا رسول الله وقد أقسموا أن لا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنا أقسم بالله تعالى لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم فأنزل الله تعالى الآية فأرسل عليه الصلاة والسلام إليهم فأطلقهم وعذرهم.
وفي رواية أخرى عنه أنهم كانوا ثلاثة، وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد أنهم كانوا ثمانية، وروي أنهم كانوا خمسة، والروايات متفقة على أن أبا لبابة بن عبد المنذر منهم {خَلَطُواْ عَمَلًا صالحا} خروجًا إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {وَءاخَرَ سَيّئًا} تخلفًا عنه عليه الصلاة والسلام روي هذا عن الحسن والسدى، وعن الكلبي أن الأول التوبة والثاني الاثم، وقيل: العمل الصالح يعم جميع البر والطاعة والسيء ما كان ضده، والخلط المزج وهو يستدعي مخلوطًا ومخلوطًا به والأول هنا هو الأول والثاني هو الثاني عند بعض، والواو بمعنى الباء كما نقل عن سيبويه في قولهم: بعت الشاء شاة ودرهما، وهو منا باب الاستعارة لأن الباء للالصاق والواو وللجمع وهما من واد واحد، ونقل شارح اللبان عن ابن الحاجب إن أصل المثال بعت الشاة بدرهم أي مع درهم ثم كثر ذلك فأبدلوا من باء المصاحبة واوًا فوجب أن يعرب ما بعدها بإعراب ما قبلها كما في قولهم: كل رجل وضيعته، ولا يخفى ما فيه من التكلف.
وذكر الزمخشري أن كل واحد من المتعاطفين مخلوط ومخلوط به لأن المعنى خلط كل واحد منهما بالآخر كقولك: خلطت الماء واللبن تريد خلطت كل واحد منهما بصاحبه، وفيه ما ليس في قولك: خلطت الماء باللبن لأنك جعلت الماء مخلوطًا واللبن مخلوطًا به وإذا قلته بالواو وجعلت الماء واللبن مخلوطين ومخلوطًا بهما كأنك قلت خلطت الماء باللبن واللبن بالماء، وحاصله أن المخلوط به في كل واحد من الخلطين هو المخلوط في الآخر لأن الخلط لما اقتضى مخلوطًا به فهو إما الآخر أو غيره والثاني منتف بالأصل والقرينة لدلالة سياق الكلام إذا قيل: خلطت هذا وذاك على أن كلا منهما مخلوط ومخلوط به وهو أبلغ من أن يقال خلطت أحدهما بالآخر إذ فيه خلط واحد وفي الواو خلطان.
واعترض بأن خلط أحدهما بالآخر يستلزم خلط الآخر به ففي كل من الواو والباء خلطان فلا فرق، وأجيب بأن الواو تفيد الخلطين صريحًا بخلاف الباء فالفرق متحقق، وفيه تسليم حديث الاستلزام ولا يخفى أن فيه خلطًا حيث لم يفرق فيه بين الخلط والاختلاط، والحق أن اختلاط أحد الشيئين بالآخر مستلزم لاختلاط الآخر به وأما خلط أحدهما بالآخر فلا يستلزم خلط الآخر به لأن خلط الماء باللبن مثلًا معناه أن يقصد الماء أو لا يجعل مخلوطًا باللبن وظاهر أنه لا يستلزم أن يقصد اللبن أولا بل ينافيه، فعلى هذا معنى خلط العمل الصالح بالسيء أنهم أتوا أولًا بالصالح ثم استعقبوه سيئًا ومعنى خلط السيء بالصالح أنهم أتوا أولا بالسيء ثم أردفوه بالصالح، وإلى هذا يشير كلام السكاكي حيث جعل تقدير الآية خلطوا عملًا صالحًا بسيء وآخر سيئًا بصالح أي تارة أطاعوا واحبطوا الطاعة بكبيرة وأخرى عصوا وتداركوا المعصية بالتوبة وهو ظاهر في أن العمل الصالح والسيء في أحد الخلطين غيرهما في الخلط الآخر، وكلام الزمخشري ظاهر في اتحادهما وفيه ما فيه، ولذلك رجح ما ذهب إليه السكاكي لكن ما ذكره من الإحباط ميل إلى مذهب المعتزلة، وادعى بعضهم أن ما في الآية نوع من البديع يسمى الاحتباك والأصل خلطوا عملًا صالحًا بآخر سيء وخلطوا آخر سيئًا بعمل صالح، هو خلاف الظاهر.
واستظهر ابن المنير كون الخلط مضمنًا معنى العمل والعدول عن الباء لذلك كأنه قيل: عملوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا، وأنا اختار أن الخلط بمعنى الجمع هنا وإذا اعتبر السياق وسبب النزول يكون المراد من العمل الصالح الاعتراف بالذنوب من التخلف عن الغزو وما معه من السيء تلك الذنوب أنفسها ويكون المقصود بالجمع المتوجه إليه أولًا بالضم هو الاعتراف، والتعبير عن ذلك بالخلط للاشارة إلى وقوع ذلك الاعتراف على الوجه الكامل حتى كأنه تخلل الذنوب وغير صفتها، وإذا لم يعتبر سبب النزول يجوز أن يراد من العمل الصالح الاعتراف بالذنوب مطلقًا ومن السيء الذنوب كذلك وتمام الكلام بحاله، ويجوز أن يراد من العمل الصالح والسيء ما صدر من الأعمال الحسنة والسيئة مطلقًا، ولعل المتوجه إليه أولى على هذا أيضًا ليجمع العمل الصالح إذ بضمه يفتح باب الخير، ففي الخبر «أتبع السيئة بالحسنة تمحها»، وقد حمل بعضهم الحسنة فيه على مطلقها، وأخرج ابن سعد عن الأسود بن قيس قال: لقي الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما يومًا حبيب بن مسلمة فقال: يا حبيب رب مسير لك في غير طاعة الله تعالى فقال: أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك قال: بلى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة فلئن قام بك في دنياك فلقد قعد بك في دينك ولو كنت إذ فعلت شرًا فعلت خيرًا كان ذلك كما قال الله تعالى: {خَلَطُواْ عَمَلًا صالحا وَءاخَرَ سَيّئًا} ولكنك كما قال الله تعالى: {كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14] والتعبير بالخلط حينئذ يمكن أن يكون لما في ذلك من التغيير أيضًا، وربما يراد بالخلط مطلق الجمع من غير اعتبار أولية في البين والتعبير بالخلط لعله لمجرد الإيذان بالتخلل فإن الجمع لا يقتضيه، ويشعر بهذا الحمل ما أخرجه أبو الشيخ والبيهقي عن مطرف قال: إني لأستلقي من الليل على فراشي وأتدبر القرآن فأعرض أعمالي على أعمال أهل الجنة فإذا أعمالهم شديدة {كانوا قليلًا من الليل ما يهجعون} [الذاريات: 17] {يبيتون لربهم سجدًا وقيامًا} [الفرقان: 64] {أمن هو قانت آناء الليل ساجدًا وقائمًا} [الزمر: 9] فلا أراني منهم فأعرض نفسي على هذه الآية: {مَا سَلَكَكُمْ في سَقَرَ قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ المصلين} إلى قوله سبحانه: {نُكَذّبُ بِيَوْمِ الدين} [المدثر: 42-46] فأرى القوم مكذبين فلا أراني فيهم فأمر بهذه الآية: {وَءاخَرُونَ الله بِذُنُوبِهِمْ} إلخ وأرجو أن أكون أنا وأنتم يا اخوتاه منهم، وكذا ما أخرجاه وغيرهما عن أبي عثمان النهدي قال: ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله سبحانه: {وَءاخَرُونَ} إلخ والظاهر أنه لم يفهم منها صدور التوبة من هؤلاء الآخرين بل ثبت لهم الحكم المفهوم من قوله سبحانه: {عَسَى الله أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} مطلقًا وإلا فهي وكثير من الآيات التي في هذا الباب سواء وأرجى منها عندي قوله تعالى: {قُلْ يا أهل عِبَادِى الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعًا} [الزمر: 53] والمشهور أن الآية يفهم منها ذلك لأن التوبة من الله سبحانه بمعنى قبول التوبة وهو يقتضي صدورها عنهم فكأنه قيل: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملًا صالحًا وآخر سيئًا فتابوا عسى الخ.
وجعل غير واحد الاعتراف دالا على التوبة ولعل ذلك لما بينهما من اللزوم عرفا، وقال الشهاب: لأنه توبة إذا اقترن بالندم والعزم على عدم العود، وفيه أن هذا قول بالعموم والخصوص وقد ذكروا أن العام لا يدل على الخاص بإحدى الدلالات الثلاث، وكلمة {عَسَى} للإطماع وهو من أكرم الأكرمين إيجاب وأي إيجاب، وقوله تعالى: {إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ} تعليل لما أفادته من وجوب القبول، وليس هو الوجوب الذي يقول المعتزلة كما لا يخفى أي إنه تعالى كثير المغفرة والرحمة يتجاوز عن التائب ويتفضل عليه. اهـ.